|
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
|
-----------------------------------------------------------
![]() وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً الباحث : محمد إسماعيل عتوك الصبر في اللغة معناه : حبس النفس وتثبيتها ، وضدُّه : الجزع . قال تعالى : ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ (الكهف:28) . أي : احبسها وثبتها . وهو نوعان : صبر على المكروه ، وصبر عن المحبوب . والأول يعدَّى إلى المفعول بـ{ على } ، و الثاني بـ{عن } . تقول : صبرت على ما أكره . وصبرت عمَّا أحب . والأول هو الأكثر استعمالاً ، ومنه قوله تعالى : ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً﴾ (المزّمِّل:10) . وقال تعالى في مدح الصابرين : ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ (البقرة:177) . وقال تعالى : ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ (الزمر:10) . وقول لقمان يوصي ابنه : ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ (لقمان:17) هو أمر بالصبر على ما يصيبه من المحن جميعها دون تخصيص . وقوله : ﴿ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ إشارة إلى ما تقدم ، ممَّا نهاه عنه ، وأمره به، ويدخل فيه الأمر بالصبر على المحن كلها . وأما قوله تعالى : ﴿ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ (الشورى:43) فهو حثٌّ على الصبر على المكروه ، والمغفرة لمن تسبب فيه ، وأكَّد ذلك بقوله : ﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ . أي : إن الصبر على أذى الغير، والمغفرة لمن عزم الأمور؛ كقوله تعالى : ﴿ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ (البقرة:237) . وقوله تعالى : ﴿ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ (الشورى:40) . وهذا إذا كان الجاني نادمًا مقلعًا . أما إذا كان الجاني مصرًّا على البغي، فالأفضل الانتصار منه ، بدليل الآية قبلها، وهي قوله تعالى : ﴿ وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ﴾(الشورى:41) ؛ فإن هذا يقتضي إباحة الانتصار من الجاني . و قيل: سَبَّ رجلٌ آخرَ في مجلس الحسن ، فكان المسبوبُ يكظم ويعرق، و يمسح العرق ، ثم قام فتلا الآية : ﴿ وَ لَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ ، فقال الحسن : عَقِلَها ، والله ، وفهمها ! لِمَ هذه ضيَّعها الجاهلون ؟! و أما { اللام } في قوله تعالى : ﴿ وَلَمَنِ انتَصَرَ ﴾(الشورى:41) ، وقوله تعالى : ﴿ وَلَمَن صَبَرَ ﴾ (الشورى:43) فهي مثل { اللام } ، التي في قوله تعالى : ﴿لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ (آل عمران:157) . وقوله تعالى : ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ (البقرة:103) . ويجوز في هذه { اللام } أن تكون الموطِّئة لقسم محذوف ، و{ مَنْ } شرطية ، وجواب القسم في الأول قوله تعالى : ﴿ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ﴾ (الشورى:41) ، وفي الثاني قوله تعالى : ﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ . وجواب الشرط محذوف ، لدلالة جواب القسم عليه . ويجوز أن تكون { اللام } لام الابتداء ، و{ مَنْ } موصولة في موضع المبتدأ ، والخبر في الأول قوله تعالى : ﴿ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ﴾ ، وفي الثاني قوله تعالى : ﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ . و الإشارة بـ{ ذلك } إلى ما يفهم من مصدر{ صبر وغفر } ، والعائد على الموصول المبتدأ من الخبر محذوف . أي : إن ذلك منه { لمن عزم الأمور } ، لدلالة المعنى عليه . و خبر الموصول يجوز اقترانه بـ{ الفاء } ، لشبهه بالشرط في دلالته على الإبهام . و يجوز عدم اقترانه بها . و الفرق بين الموضعين : أنك إذا قلت : { مَنْ يأتيني فله درهم } ، استحق الدرهم بمجرد إتيانه . و ذلك بخلاف قولك : { مَنْ يأتيني إن له درهمًا } . فإذا تأملت ذلك ، تبيَّن لك أنه لا وجه للمقارنة بين قوله تعالى : ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ (لقمان:17) ، وقوله تعالى : ﴿ و َلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ (الشورى:43) ؛ لأن الأول أمرٌ بالصبر على المصائب ، والثاني حثٌّ على الصبر عليها ، وكلاهما من عزم الأمور .. قال تعالى : ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ (الأحقاف:35) . فالصبر في الآيتين صبر واحد .. و إذا كانت الآية الثانية قد أكِّدت بـ{ إن } ، و بـ{اللام }، دون الآية الأولى ، فلأنها جمعت بين الصبر، و المغفرة ؛ ولأنها جاءت مؤكَّدة بـ{ اللام } في أولها : { لَمَنْ صَبَرَ وغَفَرَ } . ونحو ذلك قوله تعالى : ﴿إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ (المنافقون:1) . ومن المعلوم في علم البلاغة أن للمخاطب ثلاث حالات عندما يُلقَى إليه خبرٌ مَّا : أولها : أن يكون خالي الذهن من الحكم . وفي هذه الحالة يلقَى إليه الخبر خاليًا من التوكيد . ويسمى هذا الضرب من الخبر ابتدائيًا . و ثانيها : أن يكون مترددًا في الحكم ، طالبًا أن يصل إلى اليقين في معرفته . و في هذه الحالة يحسن توكيده له ، ليتمكن من نفسه . و يسمى هذا الضرب طلبيًّا . و ثالثها : أن يكون منكرًا له . وفي هذه الحالة يجب أن يؤكد الخبر بمؤكِّد ، أو أكثرَ ، على حسب إنكاره قوةً وضعفًا . و يسمى هذا الضرب إنكاريًا . و مثال الحالة الأولى قولك للمؤمن : محمد رسول الله .. و مثال الحالة الثانية قولك للمتردد في إيمانه : إن محمدًا رسول الله .. و مثال الحالة الثالثة قولك للمنكر الخالي من الإيمان : إن محمدًا لرسول الله .. و الله إن محمدًا لرسول الله . وعلى الحالة الثانية يقاس قوله تعالى : ﴿ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ (لقمان:17) .. وعلى الحالة الثالثة يقاس قوله تعالى : ﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾(الشورى:43) . هذا ما أردت توضيحه وبيانه والله الهادي سواء السبيل ! |
|
|
#2 |
|
عضو ذهبي
|
بارك الله فيك وجزاك كل خير
|
|
|
|
#3 |
|
عضو ذهبي
|
يسلموووووو سفانة نورتي
|
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| ذَرَاتّ المّلحّ عَلَى حَوَافّ فنْجَانْ قَهْوَتّيّ ..||~ | ]]~إشـــراقة غمـــوض~[[ | المنتدى العام | 7 | 10-02-2011 08:35 PM |