| 
				  
 
			
			بسم الله الرحمن الرحيم 
 إلى حضرة الشيخ الحلاحل الباسل الوالد سيف بن عامر بن غصن العلوي ـ أبقاه الله في جذل وعافية ـ سلام عليـك ، وإني أحمد إليـك الله الـذي يؤتي الملك مـن يشاء بفضله ، وينزعه ممن يشاء بعدله.
 أما بعد :
 فقد وافاني كتابك الكريم المخبر بوفاة الهزبر الكرار الشيخ حمدان بن ناصر ، والمبشر باستواءك على أريكة عرش آبائك المصاليت ، وإنَّك على الجادة السـوية ، والصحـبة المرضـية ، فهذا كـله صـار معلوماً ، وأنـت غير مجهول القدر والمقام ، بـل أنت غـصن تـلك الدوحة المترعرعة من أرض المجد ، والـكرم ، والفـضل ، وإنَّـك أجـدر مـن قـام بـهذا الأمـر الجسـيم فـي ذلـك المـقام الفـخيم إلا أنَّ الأقـدار كانـت تعاكسك لـتعلم أنَّه لا يـكون إلا مـا أراده الله ، وأنَّ الإنـسان لا يـقدر على جلـب نـفع ولا دفـع ضـر ، ولـو جـمع لـه الجـموع ، وبـذل لـه النفس والنفيس إلا بتوفيق مـن الله عزَّ وجل.
 وها أنـت اليوم قـد بلـغت المـرام ، وظفرت بـما أتعبت فيه نفسـك فيما مضى من أيـام عمرك ، وتحققت أنَّك لـم تنله ولـم تبلغه إلا بمشيئة الله ، وفضلـه ، وابتلائه ، فلا تقابـل فضله عليك إلا بما يجب عليك مـن حـسن طاعته ، وشكره ، والعدل فيمن استخلفك عليه من خلقه ، لتنال ملك الـدارين ، وتملـك خير الحسنيين .
 فـكما أنَّ هـذا الأمر قـد زال عمـن قبلك ، فسيزول عنك ، فاجعل زوالك عنه إلى ما هـو خـير لك منه ولا تغتر بزهرته ، ولا تزده بغروره ، واجعل ما بقي مـن عمرك مصلحاً لما مضى من عملك ، وسِر فيمن يليك سـيرة الصالحين من قبلك ، ولا تأخذ أحداً منهم بحنة ولا بظنة ، واجعل درعك الـحق ، وحصنك العدل ، وظهيرك الهدى ، وسميرك التقوى ، وعصمتك كتاب الله ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكن على أحسن ما نرجو منك فإنَّك ممن عرف الأحوال ، وقلَّب الأمور ، وحلب شطري الـدهر ، وعرف من أين يؤتى الأمر ؟ ومن أين تؤكل الكتف ؟ وقد حنَّكتك التجارب ، وصحبت الأباعد والأقارب ، ورأيت دول الأيـام ، ومصارع الأقوام فاجعل بيت ابن دريد نصب العين ، وهو قوله :
 مَــن لـم تفده عبراً أيامه ** كان العمى أولـى بـه من الهدى
 هذا وإنَّـي أعزيكم في الليث العقير ، وأهنيئكم بالملك الوطيد ، وعسى أن يكون الأمر كما قال ابن نباته :
 هناء محا ذاك العزاء المقدما ** فما عبس المحزون حتى تبسَّما
 فقدنا لأعناق البرية مالكا ** وشمنا لأنواع الجميل متمَّما
 تورية بمالك ومتمَّم ابني نويرة اليربوعيين ، وكان مالك قتله ـ أسد الله ـ خالد بن الوليد في خلافة سيدنا أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وأخوه متمَّم شاعر رثاه بقصائد طنانة ، ومن شعره فيه قوله :
 ولما تفارقنا كـأني ومالكاً ** لطول اجتماع لم نبت ليلةً معا
 وكنا كندُماني جذيمة حقبةً ** من الدهر حتى قيل لن تتصدعا
 وإنَّما استطردت إلى ذكر هذا إتماماً لما كتبته إليك من الموعظة والعبرة لتعلم سنة الله في خلقه ، وإنَّه لا يبقى للعامل من دنياه إلا عمله خيراً أو شراً ، وإن الملك لله يؤتيه من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين .
 والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ، وعلى أشبالك المشايخ الكرام ، ومن حضرك من أقوامك العزاز ، كما من هنا يسلم عليك الأولاد والأصحاب .
 وذلك من محبك الفقير إلى الله عزَّوجل الداعي لك بالخير والتوفيق والإقبال إبراهيم بن سعيد العبري بيده .
 في يوم 2 صفر الخير 1362 هجرية
 |